الصنعة الرجالية عند الشيخ صدر المتألهين الشيرازي في كتابه (شرح الاصول من الكافي) للكليني

بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمد لله العفو الغفور رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله الطاهرين ، وصحابته المنتجبين ، وعلى من اهتدى بهديه ، وأخذ بحكمته إلى يوم الدين.

     أما بعد : فإن ما يلفت النظر لأول مرة من شرح صدر الدين الشيرازي لكتاب (شرح الأصول من الكافي) أنه ليس تصنيف محدث إخبارى محض، و لا تصنيف فقيه اصولي انصرف بكليته إلى الفقه، ولا تصنيف كلامي، بحيث لا يعبأ الا بالكبت والاقناع، وإنما هو تصنيف فيلسوف إلهى مجدد فى الفلسفة ومجتهد بارع فى الحديث والفقه والكلام والتفسير، غير أنه شغفته الأبحاث الفلسفية والميتافيزيقية فخاض فى لججها و تلقيها عن تفكير قوى عليه مسحة دينية إسلامية من جهة الأصول والمبادى وجددها وصبها فى إطارات غير ما ألفته الأذهان سابقا، لكن ليس معنى هذا الكلام أنه بقى طول عمره فيلسوفاً لم يفرغ إلى أمر آخر، بل عبر من فلسفته حسب ما يراه لنفسه إلى الإيمان باللّه وكتبه ورسله وحججه وبيناته ، ومن أجل ذلك توجه إلى التدبر فى كتاب اللّه وأحاديث النبي
(صلى الله عليه وآله) وأئمة الهدى (عليهم السلام) ، وبذل فيها جهده فصنف تفسيراً كبيراً على شطر من القرآن وشرحاً مسقصياً فلسفياً على أحاديث أصول الكافى إلى شطر من كتاب الأصول، وهو من أعظم شروح الكافى ، حيث قال الشيخ الشيرازي مادحا صاحب كتاب الكافي: " أمين الإسلام،  وثقة الأنام، الشيخ العالم الكامل، والمجتهد البارع، الفاضل محمّد بن يعقوب الكليني، أعلى اللَّه قدره، وأنار في سماء العلم بدره " ^[1].

     ومن خلال تتبع منهج الشيرازي في شرحه لكتاب الكافي نرى إنه تناول بحوثا حديثية كثيرة لكني اقتصرت على البحوث الرجالية عن رجال الأحاديث المذكورين فى أسانيد الكافى ،حتى لا يطول البحث، هذا ما دفعني إلى تسليط الضوء على هذه البحوث مشيراً إلى الصنعة الرجالية التي استخدمها الشيرازي في شرحه لإظهار الجانب الحديثي من هذا الشرح ، مما يميز مكانته العلمية الشاملة رحمه الله رحمة واسعة ، لذلك جعلته عنوانا لبحثي واسميته (الصنعة الحديثية عند الشيخ صدر المتألهين الشيرازي في كتابه شرح الأصول من الكافي للشيخ الكليني) ولم أجد حسب علمي بحثا في الموضوع، فهو بكرا في موضوعه .

    وجعلته في مقدمة ومبحثين وخاتمة ، أما المقدمة وفيها سبب اختيار الموضوع وخطة البحث .

وأما المبحث الأول ، فيه : ترجمة تعريفية لصاحب الكتاب الأصلي وترجمه لصاحب الشرح .

والمبحث الثاني ، وفيه : الصنعة الرجالية عند الشيخ الشيرازي .

والخاتمة ، فيها : أهم النتائج والتوصيات .

وجعلت له فهرسة للمصادر.

وفي ختامِ هذه المقدمةِ اليسيرة يُسعدني أنْ أُقدِّمَ هذا الجهد بين أيدي أساتذتي الفضلاءِ، والباحثين الأجلاء، فقلما يخلص مصنف من الهفوات، أو ينجو باحث من العثرات.

وصلى الله تعالى على محمد وآل محمد .