العلاقات التجارية بين مصر وبلاد البونت في زمن الأسرة الثامنة عشر في ضوء النصوص الهيروغليفية والنقوش الاثرية

الملخص

ظلّت أنظار مصر الدولة وعلى طول تاريخها السياسي والحضاري ترنوا الى جنوب البلاد ونقصد النوبة أو بلاد (كوش)، كما يُطلق عليها في الكتابات الهيروغليفية . ولذلك ما إن ضعفت الدولة إبان الإحتلال الهكسوسي لمصر حتّى أغتنمت بلاد النوبة والمناطق المطلّة على الساحل الأفريقي ومنها ( بلاد البونت ) استقلالها التي كسبت اهمية كبيرة في نفوس فراعنة مصر لانهم اعتبروها الموطن الاصلي للآلهة المصرية. وقد نجح الملك آحمس الاول ، مؤسس الأسرة المصرية الثامنة عشر في إعادة توحيد مصر والإنتقال بمصر من فترة الضعف والإنحلال والفوضى الى عصر دولة إمبراطورية مركزية مترامية الأطراف ، حتّى عادت العديد مِنَ المناطق الجنوبية والأفريقية ومنها بلاد كوش وبلاد البونت إلى حاضرة الدولة المصرية (الإمبراطورية الحديثة ) .

    وتعود أهمية الكتابة في هذا الموضوع الى معرفة الجذور التاريخية للإهتمام المصري بهذهِ البلاد، كذلك معرفة شكل العلاقة التجارية التي شهدتها هذه الفترة التاريخية ، وما هي الدوافع الاقتصادية التي دفعت العديد من ملوك الأسرة الثامنة عشر ومن سبقهم من ملوك مصر القديمة من الاهتمام ببلاد البونت  لان أهمية البونت، بالنسبة لمصر تكمن بالكامل تقريباً في قدرتها على توريد السلع الضرورية لهم وانها (بلاد البونت) لقد كان بعيداً جداً عن حدود مصر بحيث لا يمكن أن تشكل أي تهديد كبير لمصر نفسها من الناحية السياسية او العسكرية، والأهم من ذلك أن مصر كانت محمية إلى حد كبير من أي متاعب محتملة من قبل الصحراء الشرقية ^([i])؛ يبدو أن بلاد البونت كانت واحدة من المناطق القليلة التي كانت مصر القديمة على اتصال بها والتي كانت ينظر إليها في ضوء التجارية فقط.

   لذا حاولنا في مبحثنا الأول تحديد موقع بلاد البونت وتسميتها ، وفي مبحثنا الثاني تتبعنا العلاقات السابقة لملوك مصر مع بلاد البونت العلاقة وصولا الى ملوك الأسرة الثامنة عشر مع سُكان البونت، ثم ركزنا على رحلة الاستكشاف في زمن الملكة حتشبسوت التي وصلتنا منها الكثير من النصوص والنقوش التي عثر عليها المنقبون داخل مقبرتها الشهيرة في الدير البحري بالبر الغربي لمدينة طيبة (الأقصر حاليا) . لانها ضمت اكثر النصوص والمشاهد الاثارية التي صورت لنا الرحلة الى بلاد البونت واهم البضائع والسلع التي جلبت منها.