بنية السرد الصوري في مطولتي السياب ( المومس العمياء وحفار القبور )

الملخص

إنّ الاحساس بضرورة السرد بوصفه تقنية بنائية تتضافر مع ميكانيزمات إنشائية  مجاورة في تشكيل هيكلية الخطاب الأدبي ، ولا سيما الشعري منه لم ينأ عن وعي الشاعر المجدد وتوقه في طرح منجز إبداعي ينشق فيه عما استقر في الذائقة الأدبية من بناء فني شعري متوارث، ولعلّ قولَ السياب (( إني شاعر ملحمة وقصيدة طويلة )) يشي بحضور أكثر من دالة نصية تؤيد مزاعمنا، فكلا الجنسين الأدبيين لا يخلوان من عنصر السرد الذي تمظهر فيهما مشكلا معلما بارزاً لا يمكن تخطيه أو تجاوزه تقنيا. إننا في دراستنا هذه نسعى إلى استكناه طبيعة التكوين الداخلي لبنية السرد في الصورة القصصية / الشعرية السيابية، وهو ما آثرنا تسميته (بالسرد الصوري)، والذي نعني به السرد الذي يتضح من خلال المتواليات الصورية المتسمة بالتواتر والتراكم الصوري الحكائي، فهو سرد يتم بوساطة مقاطع صورية داخل النسيج الشعري تشكل بمجموعها وحدة حكائية تقنن الأبعاد الثيمية للقصيدة خالقة بذلك تضخماً نصياً وتداعيات لغوية تتحرى عاطفة الشاعر وتشخصها إبان تلك الصور السردية، فالسرد الصوري هو انجاز كلامي لغوي يتم من طريق تشكيل الصورة بمعنى أن الصورة تمتلك نفساً حكائياً سردياً يحوي واقعة ما، فهو سرد تختلط فيه الحكائية مع الغنائية والشعرية، وبهذا فالسرد الصوري هو السرد الذي يمكن استنباطه واستنطاق من التصوير الشعري التخيلي .