متطلبات لامركزية إدارة الجامعات العراقية

تُعد الجامعة صرحاً علمياً رائداً في المجتمع ، إذ تُسهم بمجمل نشاطاتها في تحقيق الغايات العامة للمجتمع وتمارس الدور الأساس في مختلف برامج التنمية المجتمعية ،  وترتبط قدرة الجامعة على ممارسة وظائفها وتنفيذ مهماتها وتحقيق أهدافها بشكل كبير بتوفر الظروف التنظيمية المناسبة في مقدمتها إعتماد نظام إداري يتسم بالمرونة الكافية في التعامل مع التغيرات الداخلية والخارجية والإستجابة لها بدرجة أكثر عقلانية وواقعية، ويُمكن تتحقق ذلك بالتوجه المنظم والمتدرج نحو اللامركزية الإدارية ، إذ " يساعد الإسلوب اللامركزي على إنفتاح المؤسسة التربوية بشكل أكبر على بيئتها المحلية ويعزز مساهمتها في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية "، وتوجيه برامجها نحو تلبية الإحتياجات المحلية الواقعية (عرفة ،2011، 179). وذلك يستدعي إعادة النظر في التنظيم الإداري للجامعة على وفق صيغة ومستوى مناسبين من اللامركزية الإدارية ، تضمن فاعلية دورها في برامج التنمية وتراعي خصوصيتها العلمية والبيئية تحت رقابة مركزية معتدلة .

تتضح مشكلة البحث الحالي فيما أشار اليه المؤتمر الوطني لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي الى حاجة الجامعة الى لامركزية إدارية تضمن سهولة عملها وتنفيذ مهماتها ، وأن المنظومة الإدارية تعاني بعض المشكلات الإدارية المرتبطة بمركزية إدارة الجامعة (مي ، 2014 ، 2-3).

يستهدف البحث الحالي تحديد بعض متطلبات لامركزية إدارة الجامعات العراقية فيما يتعلق بالجانب المعرفي والتشريعي والتنظيمي ، ويتحدد بالجامعات الحكومية في بغداد  للعام الدراسي 2015-  2016 م .

        ولتحقيق هدف البحث ، تم إعداد إستبانة مؤلفة من (95) فقرة موزعة على ثلاثة مجالات هي : متطلبات معرفية بواقع (19) فقرة ومتطلبات تشريعية (19) فقرة ومتطلبات تنظيمية (57) فقرة طبقت بصيغتها النهائية بإستخدام إسلوب دلفاي بواقع جولتين على عينة خبراء أختيرت بالطريقة الحصصية بنسبة (0.3) من بين أفراد مجتمع البحث البالغ (82) قيادياً جامعياً ، وبإستخدام معادلة فيشر والنسبة المئوية في تقدير إستجابات أفراد العينة وبإعتماد نسبة إتفاق (90%) كحد ادنى لقبول الفقرة ، تم التوصل الى ضرورة تزويد العاملين في إدارة الجامعة بمعرفة شاملة عن محتوى اللامركزية وإلتزاماتها وجدواها كنمط إداري في تحقيق الأهداف التنظيمية بفاعلية فضلاً عن ضرورة إعتماد التشريعات والتحولات التنظيمية المناسبة لهذا التوجه وتنفيذها بطريقة موضوعية وعقلانية تستند الى معطيات الواقع ومتطلباته .

 وقد أستنتج الباحث أن للمتطلبات المعرفية أولوية واضحة بين المتطلبات الاخرى كونها تُمثل القاعدة الصُلبة التي يستند اليها التنظيم الإداري اللامركزي للجامعة ومبرر بلوغ غايات التشريع الإداري وفاعليتها في هذا المجال .

ولضمان فاعلية إعتماد نتائج البحث الحالي يوصي الباحث بوجوب توفر الإرادة الحقيقية والرغبة الجادة لدى السلطة المركزية المتمثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بقيادتها كافة لإعتماد نمط إداري مائل الى حد ما نحو الإسلوب اللامركزي في إدارة الجامعة .

وإستكمالاً لتوجهات البحث في مجالات أخرى ، يقترح الباحث إجراء دراسة تستهدف تحديد إتجاهات القيادات الجامعية نحو الإسلوب اللامركزي في إدارة الجامعة وأخرى تستهدف معرفة الإحتياجات التدريبية اللازمة لتنمية قدرة القيادات الجامعية على وفق نمط الإدارة اللامركزية .