الحرب موضوعا في أشعار الرثاء النسوي في الجاهلية دراسة موضوعية
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
لقد عرفت الإنسانية منذ القدم الصراعات فيما بينها على مر العصور ، فالذات الإنسانية جبلت على الخير والشر.
وفي العصر الجاهلي كانت الحياة ذات سمة قبلية ومجتمعها بدوياً تحكمه عادات وتقاليد طابعها صحراوي وما تمثله الصحراء من الوعورة والشدة والوحشية ، كل ذلك ترك أثراً واضحاً على الإنسان العربي وطُبِع تفكيره بطابع خاص.
فبيئة العرب بدوية على الأغلب ، والبدو دائمو الترحال يتبعون الكلأ والماء ومواقع الغيث أينما وجدت ،وعاشت القبائل العربية منفصلة مكانياً عن بعضها تحكمها علاقات قائمة على العهود والأحلاف ، كما حكمتها الصراعات في أحيان كثيرة ، وكان للطبيعة القاسية التي عاش فيها العرب اثر واضح في تدعيم هذا الصراع ، ولأن البيئة القاحلة تفرض في أوقات الجدب صراعاً على موارد الحياة رفعت تلك السمة الحياتية للصراع من مكانة (الغزو) ليصبح حالة يفتخر فيها العربي بالفعل البطولي ، بل إن الغزو تحول إلى معيار للرجولة والبطولة الحقيقية إلى جانب كونه استجابة لمتطلبات العيش على نحو ما نجد عند الصعاليك (1)
تلك الأمور أدت إلى كثرة النزاعات بين القبائل ، فكان الترحال المستمر احد أسباب الصراعات والحروب بين القبائل فضلاً عن أسباب أخرى كثيرة منها اقتصادية واجتماعية ، وهي دوافع مشروعة إذا ما وضعت في إطارها الحقيقي ، مع إن هناك كثير من يغالي في تقدير الصراع فيقول : (( فإذا أخلفت السماء و أمحلت الأرض ، أكل بعضهم بعضاً )) (2)
ويمكن تحديد دوافع الصراع وفقاً لطبيعتها وفي مقدمتها الدوافع الاجتماعية القائمة على مبدأ (الأخذ بالثأر) التي يقول عنها أحد الباحثين (( سيطرت على عقل البدويّ ، الذي لا يرتاح ولا يغمض له جفن قبل الأخذ بثأره ، وتعظم المصيبة عندما لا يكتفي الرجل بالثأر من القاتل فحسب ، إنما يصمم على إبادة القبيلة )) (3).
ومن الأسباب الأخرى في الصراعات والحروب هو الخوف وعدم الشعور بالأمن لاسيما في المواقف التي تطول فيها الحروب وتصبح الإبادة سمة ملازمة إلى جانب التخوف من المستقبل الذي لا يعرف الإنسان ما يجنى له ولهذا أصبحت الحرب عند العرب سمة بارزة وشريعة مقدسة لا يتُوانى عنها فهي (( أمر طبيعي في البشر لا تخلو عنه أمة ، ولا جيل وسبب هذا الانتقام في الأكثر إما غيرة ومنافسة وإما عدوان وإما غضب الله ولدينه وإما غضب للملك وسعي في تمهيده ...)) (4). فالحرب تمثل قيمة اجتماعية وسياسية عند العرب يحققون من خلالها وجودهم
وكيانهم وقوتهم عندما يشعرون بالخطر والتهديد الخارجي
وقد مثلت مراثي النساء في شعر الحرب جزءًا واسعًا من حياة العرب آنذاك لما قامت به من دور بارز في إشعال نار الحرب لمكانتها الكبيرة داخل المجتمع العربي ، ولما في الرثاء من إظهار الحزن واللوعة والفقدان فهو اقرب إلى عاطفتها وصدق إحساسها .
تفاصيل المقالة

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-ShareAlike 4.0 International License.