تأملات أسلوبية في سورة القارعة

الملخص

إن خصوصية الكتب السماوية ، ولاسيما القرآن الكريم ، بوصفه نصاً متميزاً بسوره وآياته وروح القداسة المبثوثة في ثناياه جعلت منه منهلا ًعذباً للمبدعين ، فالإبداع الحقيقي لا يتم إلا باستيعاب التراث برمته والارتداد إليه ، واستحضاره من خلال اختيار المجالات الإبداعية ، لذا شكل القرآن الكريم جانباً مهماً من روافد المبدع ، فهو الذي تحدى العرب ببيانه وبلاغته ) قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً [i](و )وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وأدعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ([ii] . ولأنه الخطاب المنزه والجامع لألوان الكلم والفصاحة والبيان ، صاحب السلطة التأثرية في النفوس " وحفظ العربية من الضياع ونشرها في أقطار الأرض وجعلها حية خالدة"[iii] ، ولأنه " يلذ الآذان حين تسمع له والأفواه حين تنطق به والقلوب حين تصغي اليه "[iv] وليس لأنه تحدى العرب بل لأهميته كمعجم ثري بالألفاظ لا عهد لأديب بها ، ومغزى مستمر في كل زمان ويشي بإمكانيات دلالية عالية وثري[v] ، وعليه فالقرآن الكريم هو المحول الأساسي لقيام حضارة عربية قائمة على أساس الألسنية المتولدة من خلال الجدل أو جدل الإنسان مع الواقع من جهة وعلاقة الإنسان بالنص والحوار الدائم أو الجدل القائم بينه وبين خالقه من جهة ثانية ، وهذا ما جعل القرآن الكريم يشكل الأثر البالغ الأهمية والمتداخل في كل الجوانب ومحوراً مهماً في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية حتى نجد اتساع التأليف فيما يتعلق بالقرآن الكريم وعلومه مؤلفات لا تكاد تحصى لكثرتها وتنوع اتجاهات بحثها، فضلاً عن نشوء وتنوع العديد من العلوم التي عرفت فيما بعد بعلوم القرآن الكريم وهي التفسير والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول .

        أما فيما يتعلق بدراسة النص القرآني وتحليل أساليبه فقد احتل مكانة كبيرة لدى العلماء المسلمين حتى غير المسلمين وهذه المكانة تتأتى من إعجازه ومحاولة العرب في دراسة هذه الجوانب الإعجازية من خلال البلاغة ومحورها أما في العصر الحديث فاحتل القرآن الكريم مكاناً

⁽[i] ⁾ البقرة، 23

⁽[ii] ⁾ تاريخ الادب العربي ، العصر الاسلامي ، شوقي ضيف ، القاهرة 1986، دار المعارف ،ط7 ،د،ت،31.

⁽[iii] ⁾ المصدر نفسه.

⁽[iv] ⁾ ينظر: الاصالة والمعاصرة في ادب المسعدي،187.

⁽[v] ⁾ ينظر: التداخل النصي في القصةالعراقية القصيرة ،1980/1998, رسالة ماجستير ، شذى خلف حسين  ، كلية التربية للبنات ، جامعة بغداد،2000 ،45.