مشكلة الإنسانية اليوم ومقومات نهضتها -دراسة في الفكر الاجتماعي الإسلامي-

الملخص

إن مشكلة العالم التي تملأ فكر الإنسانية اليوم وتمسّ واقعها بالصميم هي مشكلة النظام الاجتماعي التي تتلخص في إعطاء أصدق إجابة على السؤال الآتي: ما هو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية؟

ومن الطبيعي أن تحتل هذه المشكلة مقامها الخطير، وأن تكون في تعقيدها وتنوّع ألوان الاجتهاد في حلها مصدراً للخطر على الإنسانية ذاتها؛ لأن النظام داخل في حساب الحياة الإنسانية ومؤثر في كيانها الاجتماعي بالصميم .

وتتجلى هذه المشكلة على طول تاريخها الطويل في طبيعة الصراع بين المصالح الذاتية الخاصة والمصالح الاجتماعية العامة، وقد بعث الله سبحانه الأنبياء  لنقل البشرية إلى مراحل متقدمة من الوعي والتبصر على رسالة الإنسان في الحياة وإفهامه بأهداف وجوده وغاياته، وإيضاح دوافع بناء الحياة واستثمارها له، ليتم بذلك توجيهه وربطه بالله I وبالآخرة، فيتم القضاء على ذلك الصراع المرير بين المصلحتين المتناقضتين، وخلق الانسجام  التام بينهما، إذ إن تلك العلاقة وذلك الربط كفيل بتطوير مفهوم الإنسان المجبول على حب الذات والسعي الشديد باتجاه مصالحه الخاصة، تطويراً يزيل الصراع وينهي المشكلة، فلولا السماء لقاست البشرية تأريخاً فيه ألوان رهيبة وصور قاسية لهذه المشكلة أقسى مما مر بها، وما تواجهه الإنسانية اليوم من مظالم الإنسان واعتداء على أخيه، ليس إلا صور متعددة لمشكلة واحدة تتمثل بانحراف الفطرة عن رسالة دين التوحيد الخالص المتمثل بالاسلام الحنيف .