الحركة التشكيلية الحديثة في سورية [بحث في النشأة التاريخية الحديثة وتطور الأساليب الفنية]

الملخص

     يصعب عزل ازدهار الفنون عن عواملها، إن كانت اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، لا لان الفن لا يمكن فصله عن الخطاب الحضاري فحسب، بل لأنه احد ركائزه. وقد مر الفن الحديث في سورية، بمراحل تأثرت بعوامل سياسية واقتصادية وثقافية، كان الفن فها مؤشرا ً مقترنا ً بتلك العوامل، حيث شكلت المنجزات الفنية علامات تتيح للباحثين دراسة التحديات والاستجابة في التعامل معها. فإذا كان العهد العثماني، قد ألقى بظلال عميقة ولفترات طويلة، فان حقب الانتداب الفرنسي، ستمثل سلسلة من التحديات والبحث عن شرعية استعادة الهوية، ولكن في عصر له خصائصه الفلسفية والمعرفية، سمحت للخطاب الفني أن لا يتوقف عند المحاكاة أو الاستنساخ، بل العمل على بلورته بما يمتلكه من أبعاد تعبيرية ورمزية وجمالية. وقد أتيحت لعدد من الدارسين، ونقاد الفن، معالجة نشأة الفن الحديث في سورية، ودراسة ملامحه وسماته، والتوقف عند عدد من الرواد، فان الحاجة إلى إعادة دراسة هذه (الدراسات) ـ بحد ذاتهاـ ستشكل محفزا ً للحفر في تاريخ التشكيل السوري، وإعادة  تحليل، وتفكيك، العلاقة بين المؤثرات الخارجية وصلتها بالأساليب الفنية من جهة، ومكانة تلك الدراسات إسهاماتها في صياغة المشهد نقدياً، من جهة ثانية.

     فثمة، هنا، دينامية تفرضها الإضافات المعرفية، لا في إعادة التقييم للمنجزات السابقة فحسب، بل في العثور على مفاتيح لقراءات نقدية مواكبة للخطابات الجمالية الحديثة، تتيح للباحثين والنقاد بتعديلات، وابتكارات تعالج قضايا مازالت تنتظر مثل هذه الدراسات والإضافات النقدية ـ المعرفية.