قصيدة (لا تعذليه) لابن زريق البغدادي استحضار الحبيب الغائب ومكاشفته

الملخص

            يقوم هذا البحث على مسعى لتطبيق آلية قرائية مقترحة نشتغل عليها منذ  زمن طويل ، تتكشف أبعادها في تداول النص وقراءته لمرات عدة وتأمله ، والإصغاء لتفوهاته ، وصولاً إلى وضع اليد على (مهيمنة) متبناة سوف تقدم كشوفاتها عبر مستويات النص : المعجمية والتركيبية  والإيقاعية ، وصولاً الى ما تنتهي القراءة عنده من تبيان لـ(منجز النص الدلالي) الذي يصبح رصداً لتلك المخبوءات التي كشفت القراءة أستارها.

          لقد سعينا في هذه القراءة إلى تطبيق تلك الآلية على نص مشهود له في الذكر والتداول،هو قصيدة (لاتعذليه) لابن زريق البغدادي ،هذا النص الذي يخبر عن تجربة إنسانية لشاعر وجد نفسه ـ في برزح التحول ـ بين  مرحلتين : (ماضية) يستعيد وقائع ما كابده فيها ، و(حاضرة) يعيش راهن تفجعاته في خلالها تفوهات شعرية آسية. ومن هنا فقد تزاحمت أدائية النص ـ في مستوياته كلها ـ للتعبير عن المرحلتين ، وتجسيد وقائع كل منهما  .

          وإذ اختلط اسم هذه الشخصية بغيره فقد بدا غير مستغرب أن تتداخل تفصيلات حياتها بسواها كذلك ، وأن يذهب كثير ممن تناولوها إلى الظن والتخمين ، وتقديم بعض الوقائع والأخبار التي سيقف منها آخرون موقف الإنكار أو التشكيك  .

        ووقوفاً عند الخلاصة الأخيرة التي تبنتها قراءتنا فإن هذا النص يحدثنا عن شخص كان يعيش وحدته غريباً مباعداً عن حبيبته التي رحل عنها ساعياً في طلب الرزق ، الذي لم يكتب له أن يناله ، وهاهو يبوء بخيبته ،حتى لم يعد له سوى أن ينزوي وحيداً ، مستعيداً ما كان له من الذكريات ، محاولاً أن يخبرنا عن اسمه ، وبعض تفصيلات حياته، وطبيعة انشغالاته الشعرية .