أسواق بغداد في القرن التاسع عشر بأقلام بعض الرحالة الأوربيين

الملخص

أجتذب العراق منذ أقدم العصور العديد من السياح والرواد الأوائل، لما كان له من شهرة واسعة وصيت ذائع في عوالم الحضارات والآثار،فضلاً عن خيراته الوافرة وموقعه الجغرافي المميز، الذي كان موضع شجع لأغلب الطامعين.

        وخلال القرون الخمسة الأخيرة من عصرنا الحاضر ازدهرت حركة الرحلات لعشرات الوفود والبعثات من مختلف الجنسيات واللغات إلى بلاد الرافدين،للوقوف على ماضيه ودراسة أحواله السياسية والاقتصادية والثقافية، سواء أكانوا إفراداً أم جماعات، وكانت تلك القرون حافلة بذلك النشاط والحيوية.

        لكن الأهداف غير المعلنة لأولئك الرحالة في قدومهم إلى العراق تنحصر على وجه الخصوص بتزويد حكوماتهم بمعلومات ذات أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية، متخذين من السياحة والتجارة والتنقيب ستاراً لها، كما أن قسماً منهم جاء أصلاً من أجل هذه المهمة بصفة التمثيل السياسي والانتداب لأغراض تجارية أو فنية أو عسكرية.

         ويورد لنا ستيفن هيمسلي لونكريك في كتابه( أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ضمن قائمة مراجعه عن العراق للمدة مابين عامي ( 1553 و 1914) أسماء (98) رحلة وتقرير ومقالة مسهبة([i])، في حين قدرها الأستاذ كوركيس عواد -وهو من المهتمين بتلك الرحلات- بما يقرب من الـ(300) رحلة، كان اغلبها أوربية، وكلها تصف العراق وأوجه الحياة فيه بطريقة أو أخرى، أما أصحاب هذه الرحلات فهم بين برتغالي وفرنسي،وهولندي وألماني، وايطالي، وانكليزي وأمريكي،وأرمني،وهندي وإيراني وتركي، غير أن القسم الأكبر منهم من الانكليز الذين دأبوا منذ وقت مبكر بوضع المخططات المستقبلية لاحتلال العراق واستثمار خيراته([ii]).