(حضور التحليل والتركيب في فلسفة ديكارت)

التحليل والتركيب منهج علمي يقتفيه العديد من العلماء والفلاسفة ومنهم (ديكارت)، حيث أعتمد هذا المنهج من أجل الوصول الى الدقة واليقين ، فالتحليل عند( ديكارت) رد الاشياء الى طبائعها البسيطة والتركيب هو عملية بناء هذه الطبائع البسيطة وتكوينها من أجل الوصل الى الوضوح والتميز. وقد قام (ديكارت) بتطبيق هذا المنهج على معظم الافكار التي طرحها في فلسفته ،حيث حاول ان يجعل من التحليل والتركيب قواعد اساسية في كل جوانب الحياة الانسانية في المعرفة وفي التكوين الجسماني عند الانسان وحتى في الجانب السلوكي-الاخلاقي من حياته العملية، لذا صرح في كتاباته ان( العقل هو اعدل قسمه بين الناس) فعلينا ان نستخدمه أحسن أستخدام في التعايش مع الحياة ويكون ذلك من خلال بيان أمكانياته وقدراته، وقد أتخذ (ديكارت) التحليل والتركيب طريقا  للوصول الى الدقة واليقين. عرضت في بحثي هذا بعض القراءات لكتب( ديكارت) بينت فيها أبرز الموضوعات التي تتجلى فيها حضور التحليل والتركيب ،وقد خصصت قراءتي:

1. مقال عن المنهج.


2. حديث الطريقة.


3. قواعد لتوجية الفكر


4. مبادئ الفلسفة.

وقد وجدت ان ديكارت أستطاع ان يبين أهمية حضور التحليل والتركيب من خلال التركيز على العقل وبيان دوره وأهميته في تحليل وبناء الأفكار التي يكونها بشكل منسجم متناسق مع بعضها البعض من أجل الوصول الى الدقة واليقين. فالعقل يحتوي على قدرات هائلة  تساعده على البناء المعرفي– العلمي بحيث يستطيع تحليل فكرة معينة الى عناصرها الرئيسية ومن ثم اعادة بنائها بشكل محكم ،وهذا ماقام به ديكارت  في منهجه الذي يعتمد على الحدس والاستنباط التي ستوصله الى العلم الرياضي وبالتالي صياغة القوانين الرياضية الدقيقة. أضف الى ذلك أهتمام ديكارت بحضور التحليل والتركيب ليس فقط في المعرفة الانسانية وانما أمتدد الى الجانب العضوي والسلوكي للانسان، حيث أستطاع ان يحلل تراكيب أعضاء الانسان من سيران الدم وعمل عضة القلب والشرايين والاوردة وغيرها من أعضاء ساهمت في تكوين تركيب جسم الانسان على نحو ما هي عليه الآن.أما من الناحية الاخلاقية فقد وضع أحكام وقواعد أخلاقية اذا عمل بها الانسان أستطاع ان يصل الى تركيب السعادة ,ومن هذه القواعد ان يطبق قوانين بلاده وان يكون اكثر اصرارا في انجاز أعماله وان يجتهد في الانتصار على ذاته، وبالتالي يصل الى السعادة التي هي الغاية القصوى لدى كل انسان . لكن هذه السعادة لا تكتمل الا من خلال معرفة الله حق معرفة لان معرفة الله توصلنا الى اليقين، والكون اذا حللناه بكل ما يحتويه من الاجرام السماوية والنجوم والكواكب تنتمي الى خالق الاكوان وهو الله وهذا ما ذكره ديكارت في كتابه مقال عن المنهج وقواعد لتوجيه الفكر. وهكذا شهدنا كيف كان حضور التحليل والتركيب في فلسفة ديكارت بشكل متناسق في العقل الانساني وفي كل أرجاء الكون وصولا الى أسمى وأرقى الاكوان وهو الخالق سبحانه وتعالى.